بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : لا تقصر الصلاة إلا في سفر طويل – [الشافعية ، الحنابلة ، الحنفية ، المالكية ، الليث ، أبو ثور ، الثوري ، اسحق ، البخاري ، وهو المروي عن ابن عمر ، وابن عباس الجواب رضي الله عنهما ، والحسن البصري ، والزهري ، والشعبي ، والنخعي ، وأيده الدكتور فضل عباس] . من أدلة الشافعية ومن معهم : - عن عطاء بن أبي رباح : " أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك ". [ أخرجه البيهقي في سننه . قال النووي : إسناده صحيح . قال الألباني : صحيح ]. - قال الخطابي : هذه الرواية عن ابن عمر هي أصح الروايتين ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر في الحل والشد فجاز القصر ولم يجز فيما دونها لأنه لم يثبت دليل يوجب القصر فيه . - قال الرملي : ولا يعرف مخالف لهما ومثله لا يكون إلا عن توقيف – أي موقوف له حكم الرفع . - عن عطاء قال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما : " أَأَقصر الصلاة إلى عرفة ؟ فقال : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف " . [ أخرجه البيهقي في السنن . قال النووي : إسناده صحيح ]. - وعن مالك عن نافع : " أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة " . [أخرجه مالك في الموطأ] . - قال ابن عباس رضي الله عنهما : " يا أهل مكة لا تقصروا في الصلاة في أدنى من أربعة برد من عسفان إلى مكة " . [أخرجه الدارقطني في سننه . قال علاء الدين المارديني : صحيح عن ابن عباس من قوله . قال الألباني في إرواء الغليل : إسناده صحيح] . ملاحظة أولى : - فإن قيل الآية : { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } . [ النساء :151 ] . أطلقت السفر ولم تميز بين قصير وطويل . قلنا : ثبتت مسافة القصر عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم : وهذا موقوف له حكم المرفوع لأنه لا مجال للاجتهاد فيه – أي هو من قول الصحابي – , لكن له حكم المسموع من الرسول صلى الله عليه وسلم - وقول الصحابي الذي له حكم المرفوع حجة اتفاقاً . ملاحظة ثانية : - أما ما أخرجه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : " صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة ركعتين " . فهذا لا يفيد القصر في أقل من أربعة برد ، فذو الحليفة لم تكن منتهى سفره وإنما خرج إليها حيث كان قاصداً إلى مكة فاتفق نزوله بها وكانت أول صلاة حضرت بها العصر فقصرها . ومثل هذا يقال في العديد من الروايات منها : - عن أنس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين " . [ أخرجه مسلم ]. - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " أني لأسافر الساعة من النهار فأقصر" . - وعنه قال : " لو خرجت ميلاً قصرت الصلاة " . [قال ابن حجر : رواهما ابن أبي شيبة وإسناد كل منهما صحيح ]. ملاحظة ثالثة : - البريد = 4 فراسخ . - الفرسخ = 3 أميال . - الميل (القديم) = 1848م . - السفر الطويل عند الشافعية والحنابلة والمالكية = 4برد = 48ميل = نحو89 كم وقدرها البعض ب 81 كم . - السفر الطويل عند الحنفية نحو 100كم أو 96كم . - وعلى كل حال لا تقل مسافة القصر عن 81كم باتفاق المذاهب الأربعة وغيرهم. والله تعالى اعلم
مجلس الاسلامي